أريد أن أكتب ولكن، كيف بحق الله أجد وقتاً للكتابة؟!

أريد أن أكتب ولكن، كيف بحق الله أجد وقتاً للكتابة؟!

أتفهم قلقك عزيزي قارئ هذه الكلمات إذ انني كنت (وما زلت) أعاني من هذه المعضلة وهي كيف أجد وقتاً للكتابة بشكل مستمر؟ الإجابة بكل بساطة واختصار هي بخلق روتين لنفسك تضمن من خلاله إنجاز ما تريده من كتابة أو مراجعة لما كتبته.                                                                                       

روتين! ولكنني أقوم بعمل إبداعي فكيف تقترحين شيئاً كهذا!

مهلا أنا أسمعك بوضوح الآن وأنت تقول معترضاً “روتين! ولكني لا أحب الروتين! أنا مبدع وهذا يتعارض مع أبجديات الابداع حيث أنطلق بكل حرية في عالم الخيال مع شخصياتي الحبيبة التي تنتظرني لأفتح لها باب هذا الواقع الممل لتلج منه وتلون عالمنا بحبكة قصتها المشوقة و…”. لذا أنا فقط أقول لك مهلا مهلا يا صديقي، أولاً لقد سمعتني جيداً عندما قلت إن الروتين هو الحل ولكن لا يبدو بأنك فهمت ما اقصده بذلك لذا اسمح لي بشرح فكرتي إن تكرمت.            

أنت لكي تضمن الاستمرارية في عمل ما فأنت بالتالي مطالب بأن تؤديه بشكل مستمر وهذا أحد ابجديات كتابة الرواية إذ لكتابة واحدة أنت تحتاج أن…تكتب…بكل بساطة.  كتابة رواية هو ليس بالشيء البسيط ويتطلب الكثير من الوقت والجهد والتفكير لخلق تجربة جديرة بالقراءة والمعايشة من قبل قراءك. عليه، أنت تحتاج طريقةً ما لكي تضمن بأنك تؤدي ذلك باستمرار وهذا ما يسمى بالروتين أي خلق عادة الكتابة وتسهيل الانخراط فيها بشكل متعمد لكي تضمن الاستمرارية التي تحدثنا عنها قبل قليل وهو ما يشير إليه الكثير من الكتاب المشهورين بالفرق الحقيقي بين الكاتب الهاوي والمحترف.

ما هو الروتين فعلاً؟

الروتين هو مجموعة الخطوات التي ستفعلها او العادات التي ستستمر بأدائها بشكل متسلسل وبطريقة يومية لكي تؤدي مهمةً ما لتحصل عل نتيجة مرغوبة. المهمة هنا هي الكتابة والنتيجة المرغوبة هي إنهاء رواية ونشرها.                                                               

الآن فلنتكلم قليلاً عن طريقة عمل روتين سهل يساعدك على انجاز هذه المهمة، وهذا يأخذنا لكيف تنشأ العادات وبالتالي لكتابي المفضل حول هذا الموضوع وهو العادات الذرية لجيمس كلير والمتوفر في امازون والذي يذكر فيه بأنك متى ما حرصت على تحسين 1% بشكل مستمر والذي قد يكون جهد غير ملموس ومرئي حينها لكنه، على المدى الطويل، قد يكون أكثر أهمية مما تعتقد وهو ما يسميه بقانون ال 1% بمعنى العائد الطفيف البسيط الذي يتراكم مع الزمن ليشكل فارقاً فيما بعد.                                                                           

وفقاً لكلير، فإن العادة تتكون من الإشارة أو المحفز، التوق، العادة التي ترغب ببناءها او السلوك المراد فعله او كما يسميها في كتابه بالاستجابة، ثم المكافأة. لذا، ركز على خلق إشارة تحفز عقلك ليتوق لأداء المهمة أو العادة التي تريد ومن ثم أربطها بمكافأة تناسبك وتعتبرها مكافأة فعلاً.

مثلاُ، لنأخذ على سبيل المثال رغبتك بتكوين عادة التمرين كأول شيء تفعله عند الاستيقاظ صباحاً، فلنجعل صوت المنبه هو المحفز الذي يشكل التوق بداخلك للقيام وأداء تمارينك، الاستيقاظ والاتجاه لارتداء ملابسك الرياضية ومن ثم المشي لنصف ساعة مثلاً هو السلوك او العادة، وعند الانتهاء أخذ حمام دافئ والاحساس وقتها بشعور رائع لا مثيل له كمكافأة لك.

هنا، أنت خلقت روتين معين يساعدك على هذه الالتزام بهذه العادة وقس على ذلك. أيضاً، من أسرار الاستمرار على هذه العادة كما يذكر جيمس هو مبدأ تقليل الاحتكاك بمعنى قلل عناصر المقاومة التي تصعب عليك أداء هذه المهمة بجعل ملابسك الرياضية مثلاً على مقربة من سريرك وجعل نغمة منبهك نغمة خاصة مرتبطة فقط بهذا النشاط وهكذا.               

مقترحات لخلق روتين مناسب للكتابة:

الان، بعد أن عرفنا هذه الأشياء، فإليك بعضاً من المقترحات من واقع تجربتي الشخصية كما من مجموعة نصائح من سبقني في هذا المجال والتي قد تساعدك على خلق روتين للكتابة يناسبك:

1- حدد وقتاً ثابتاً في اليوم للكتابة بغض النظر عن طوله:                               

أنت لا تحتاج لساعات طوال يوميا للكتابة خصوصاً إذ لم تكن كاتب متفرغ، لذا نصف ساعة أو ساعة على الأقل يومياً قابلة للزيادة فيما بعد هي شيء أنصح به بدايةً لان هدفك حالياً خلق عادة الكتابة وبالتالي بناء هذه العضلة فيما بعد بتمديد الفترة المخصصة لها هو شيء يرجع إليك مع الوقت بالشكل الذي يتوافق مع مسؤولياتك والتزاماتك.

2- أخلق منبهاً للكتابة:                              

كما اوضحنا في المثال أعلاه، قم بخلق منبه للكتابة يناسبك والذي قد يكون منبه ذا نغمة خاصة أو تنبيه بأي شكل أخر يحفزك في الوقت الذي حددته لينبهك لتشرع في روتينك.                        

3- أخلق مكاناً مخصصاً للكتابة قدر الإمكان:

قد يكون هذا صعباً للبعض ولكن القصد هو تهيئة البيئة المناسبة في الوقت المناسب لك لتستطيع الجلوس والكتابة بلا مقاطعات. مثلاً إن كنتِ أم، فوقت ذهاب اطفالك للمدرسة يعتبر وقت مناسب بينما قد يكون تخصيص ساعة قبل النوم هو الشيء المناسب لك إن كنت لديك عمل نهاري وهكذا. أما بالنسبة للمكان، فقد يفضل البعض تهيئة ركن خاص بهم سواءً مكتب أو زاوية محببة على أريكة كمكانه الخاص لينغمس في كتاباته وإبداعاته وكلٌ وهواه لذا هيء لك المكان الذي يساعدك على الإنتاجية بشكل أفضل وبأريحية قدر الإمكان أياً كانت هذه البقعة المقدسة بالنسبة لك.                                                                              

4- أكتب ثم أكتب:                   

 ما أن تجلس في مكانك وتبدأ في الكتابة ركز على أداء هذه المهمة بكل جوارحك واستخدم المحفزات المناسبة إما حينها أو قبلها خلال اليوم. ما اعنيه، مثلاً، يمكنك التفكير طوال اليوم في حبكة معينة لروايتك التي تعمل عليها وتدوين ملاحظاتك في أي مكان كالملاحظات في هاتفك الخليوي أو في مذكرة جانبية ومن ثم العودة اليها في وقتك المخصص للكتابة للتعامل معها بشكل جدي.

ذلك قد يكون اما بالقيام ببحث معين عن احدى تفاصيل الحبكة إن كان يتطلب منك ذلك أو ببساطة بقراءة إحدى كتب تعليم كتابة حبكة الرواية والتي شخصياً اجدها وسيلة ناجعة في أطلاق شرارات الأفكار في مخيلتي لأنغمس أكثر في تصميم حبكة روايتي. لا تنسى أيضاً بان مشاهدة فيلم أو مسلسل أو قراءة قصة تعتبر عملاً متى ما نظرت لها بطريقة الكاتب لا المتلقي فقط.                                                                                                    

5- المكافأة:

أنت الآن أديت المهمة وفعلت جميع ما سبق لذا تهانيّ، أنت تستحق مكافاتك التي حددتها لنفسك. أتمنى ألا تهمل هذه الجزئية إذ انها مهمة في تثبيت عادة الكتابة في عقلك الباطن وبرمجته عليها لذا احرص على اغلاق هذه الدائرة ذات الخمس خطوات وكررها يومياً.       

أخيراً، أؤمن بأنه كما أن تساقط قطرات من الماء بشكل مستمر ومركز على نقطة واحدة بلا انقطاع لديه القدرة على فلق الصخر، فإن تكرارك لروتين الكتابة والتزامك الجاد به بشكل يومي سيؤدي لنتيجة حتمية واحدة وهي إنهاء روايتك ونشرها بإذن الله وتوفيقه وهذا ما تريده لذا، ذكر نفسك بالهدف كلما تكاسلت أو راودتك نفسك بان لا فائدة ترجى مما تفعله يا صديقي إذ أن المستحيل لم يتم عمله يوماً ما إلا بواسطة أولئك الذين أمنوا بأنفسهم بالرغم من أن كل ما حولهم يوحي بغير ذلك.

دمتم بود،                                                                                              

 حنان أحمد   


مقالات مشابهة

2 Comments

  1. بصراحه بجد جميل جدا وأسلوب مميز
    وكتابه مواضيعك الرائعة تجعل الشخص يتشوق
    للى بعده من مواضيع سحرى ولمعه تلهف للقراءة
    للمزيد من المعلومات الشيقه والجميله
    اكتفى بالقول إلى الأمام مزيد من النجاح والتوفيق في حياتك يآرب…و لأنى أعجز أوصف شخصية
    مثابرة مجتهدة مكافحة للعقبات للوصولها
    الهدف والمغامرات الرهيبه جدا
    ولك دوم فالك التوفيق والنجاح الدائم

    1. شكرًا جزيلًا للطفك ولكلماتك الرائعة وأتمنى ان تكون المدونة دائمًا عند حسن ظنكم وتنال مواضيعها المختلفة إعجابكم.
      شكرًا من جديد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *