رحلتي في عالم كتابة الرواية
رحلتي في عالم كتابة الرواية: كيف ابتدأت وكيف يمكنك فعل ذلك ايضاً؟
في أكتوبر من عام 2014 راودتني فكرة مجنونة وانا أقرا إحدى روايات الكاتبة الكبيرة أحلام مستغانمي وسألت نفسي سؤال غير مجرى تفكيري كما حياتي فيما بعد وهو “لما لا أكتب أنا رواية؟”، كانت تلك اللحظة فاصلة بالنسبة لي حيث نقلتني من مقاعد المتفرجين إلى وسط ملعب الكلمات المحاط بأسوار لا مرئية ممتدة إلى أعماق عالم الخيال حيث يتبارى فيها كبار الروائيين بضراوة كما باستمتاع.
ملحوظة:هنا أطرح تجربتي الشخصية والتي لها ما يميزها كما أنه كانت هناك فيها مراحل بالتأكيد كان يمكن اختصارها وهذا الغرض من كتابة هذا المقال حيث يهدف إلى مساعدة الكاتب المبتدئ لتلمس طريقه في عالم الكتابة بشكل أفضل وأكثر فعالية مما فعلت.
بداياتي الفعلية كروائية:
طبعاً كنت أدرك بأني لن أجاري حينها لا أسلوب كاتبة بمثل هذا الحجم ولا لغتها التي تأسرني مراراً وتكراراً كلما أعدت قراءة رواية من رواياتها التي لطالما استمتعت بقراءتها وكأني أطالعها للمرة الأولى، إلا أنني قررت بأن أقوم بشيء ما حيال ذلك وهنا بدأت الحكاية فعلاً!
ما زلت أذكر جيداً عصر ذلك اليوم حيث اختليت بنفسي في إحدى حجرات المنزل وبدأت أكتب حوار بين شخصية البطلة “حُلم” لأول رواية من رواياتي “يعربية” مع إحدى الشخصيات الرئيسية. عندما انتهيت من كتابة المشهد ظللت أعيد قراءته غير مصدقة بأني فعلتها!
كان أكبر إنجاز حينها هو أني كسرت الحاجز النفسي وذلك بأن أملك الشجاعة لأن أكتب شيئاً ما وأخطو خطوة تبدو هينة سهلة بسيطة لأي مراقب لوضعي آنذاك إلا أنها كانت بالنسبة لي وثبة عملاقة هائلة تجاه العالم الأخر حيث يقبع الكتاب العظام الذي لم أتجرأ يوماً على تخيل نفسي منهم بالرغم من نهمي بالقراءة.
إذ لن أخفيك سراً بأنني لطالما تخيلت منذ صغري الكتاب كشخصيات أسطورية لا تمت لنا بصلة نحن بقية معشر البشر ويعيشون في عالم أخر مليء بالجمال والإثارة والغموض حيث يستمدون منه هذه المقدرة الخارقة في رص الكلمات بهذا الشكل المعجز وحبك رواية من مئات الصفحات من اللاشيء.
قد تتساءل الآن، هل علمتُ دوماً بأني أريد أن أصبح روائية؟
الإجابة ببساطة لا ولكن كانت طبيعتي الشغوفة بالقراءة منذ الصغر هي أداتي التي استخدمتها لاستجمع أعمدة شجاعتي لأكتب أول سطور في أولى رواياتي لكن، بعد انتهائي من أول مشهد صادفت العقبة الأولى لي كروائية مبتدئة وهي “ثم ماذا الآن؟ ماذا بعد؟ مالذي سيحصل بعد هذا المشهد بل بحق الله مالذي أدى لحدوثه أصلاً؟!”.
حسناً الآن، كيف أستطيع كتابة رواية كاملة بحق الله؟!
عند هذه النقطة، فكرت كثيراً ماذا عليّ أن أفعل لأجد الإجابات الشافية لهذه الاسئلة الملحة؟ فما كان مني إلا أن لجأت إلى محرك البحث قوقل وأساله ببساطة عن كتابة الرواية بشكل عام. وجدت نتائج محدودة حينها باللغة العربية لم تفدني كثيراً مما دفعني لأبحث من جديد باستخدام مفردة “رواية” باللغة الإنجليزية.
بحثي باللغة الإنجليزية كان مفيداً بحق إذ وجدت العديد من المقالات على الشبكة العنكبوتية كما الفيديوهات على منصة يوتيوب فاستغرقت فيها وبدأت بالتوسع في البحث كما بدأت بمتابعة عدة قنوات هناك تتحدث بإسهاب عن الرواية وكيفية كتابتها لأكتشف حقيقة كانت صعبة الهضم عليّ وقتها.
ملحوظة: كان المحتوى العربي على الانترنت آنذاك يفتقد لمراجع مهمة في هذا المجال كمصدر مجاني متوفر على الانترنت ولكن الآن توجد عدة مواقع كما مدونات عديدة تحمل كنزاً من المعلومات المهمة للكاتب المبتدئ ومنهاموقع ارابنز وغيره.
أحقاً تتوقع مني تعلم كل هذا؟!
كانت الحقيقة المرة التي اكتشفتها هي أن هناك أصولاً وقواعد لأركان الرواية ككتابة المشهد والحوار والحبكة…إلخ وبأن لكل منها أصول ومهارات يجب اكتسابها مع الوقت والكتابة بشكل مستمر.
لكن تذكر يا صديقي أنا لست هنا لأبث الرعب في مفاصل روحك واثنيك عن الكتابة إن كنت فعلاً ترغب بهذا وإنما أنا أوضح لك قصة رحلتي الخاصة وما واجهته فيها والتي تمنيت لو وجدت قصة مشابهه لها حينما بدأت لتهيئني لما أنا بصدد القيام به.
حسناً أنا مستعدة، فلنقم بذلك:
الآن كان لزاماً عليّ ان ابدأ رحلتي الذاتية في التعلم والتي بدأتها باستخدام الفيديوهات المتوفرة على منصة اليوتيوب كما أسلفت سابقاً كما بعض الكتب التي ابتعتها والتي تتناول مناحي مختلفة كما ذكرت أعلاه من حرفة كتابة الرواية، والتي مع الوقت ومرور السنين تطورت لمكتبتي الخاصة والمليئة بمختلف أصناف الكتب عن كيفية كتابة الرواية من ناحية الشخصيات، الحوار، الحبكة…إلخ.
هنا إئذن لي بأن أستميحك عذراً للحظات إذ أنني أريد أن اخبرك القليل عما يجب أن تفعله وتستوعبه مسبقاً من وجهة نظري إن أنت رغبت بأن تصبح روائياً كما ماذا من الممكن توقعه أثناء ذلك من خبرتي الشخصية المتواضعة.
خطوات مقترحة لكي تصبح روائياً:
- أولا: من الجيد أن تستوعب وتتقبل وتعتنق هويتك الجديدة كروائي.
- ثانياً: من المستحسن أن تدرك بأنك لتكون روائي حقيقي يجب أن تكتب رواية واحدة على الأقل وتنهيها وتنشرها سواءً عبر دار نشر أو عن طريق أساليب وطرق النشر الذاتي.
- ثالثاُ: من الجيد أن تمتلك عقلية الطالب المتواضع المستعد للبحث والتنقيب عن المعلومة المناسبة ومن ثم تطبيقها باستمرار حتى تطور المهارة اللازمة في كتابة مختلف أركان الرواية من حوار وحبكة وشخصيات إلخ…
- رابعاً: من المستحسن أن تهيئ نفسك لاستقبال النقد واستيعاب بأنه أحد أهم الأدوات لتطوير حرفتك ككاتب من اشخاص تثق برأيهم كمحررين أو كتاب أكثر خبرة منك بل حتى من القراء.
لكن تذكر بأن هذا لا يعني أن تفقد بوصلتك الداخلية وتعرف متى تصر على الدفاع عن وجهة نظرك ككاتب في فقرة معينة مثلاً حتى لو اختلفت مع المحرر ما دمت مقتنعاً بما تفعل وليس من منطلق الدفاع الأحمق عن كبرياء الايقو المتضخم المجروح الذي قد يطل برأسه ليشخصن ردات فعلك على الأراء فيما يخص كتابتك إذ أن ليس جميع القراء هم مثل والدتك التي تنهال عليك بسيل المديح الغير موضوعي حباً فيك لذا وجب التنويه يا صديقي العزيز.
كما يجب أن تدرك بأن لكل قارئ تفضيلات معينة وقد لا يتفق معك في نواحي من روايتك وهذا شيء طبيعي لكن إذا كانت هذه ردة فعل جماعية من قبل القراء على ما كتبت فنصيحتي لك بأن تتوقف قليلاً لتفكر وتراجع نفسك حيث أن لكل نوع من الروايات توقعات معينة من قبل قراء هذا النوع ومن واجبك ككاتب أن تحقق لهم هذه التطلعات بأسلوبك الخاص.
- خامساً: من الجيد أيضاً أن تستوعب بأن كتابة الرواية تستدعي منك الكثير من الجهد كما الوقت وبأن لا تقارن نفسك مع الأخرين من هذه الناحية كي لا تفقد الأمل مبكراً في نفسك وتستلم.
- سادساً وهو الأهم: من المستحسن دوماً أن تتذكر لما بدأت هذه الرحلة الساحرة لأنك ستحتاج ذلك في الأيام الثقيلة التي ترغب فيها فقط بالاستسلام ورفع الراية البيضاء وتبدأ بالتشكيك في نفسك وقدراتك وإن كنت أصلا تملك الموهبة لفعل ذلك.
الآن قد يتبادر إلى ذهنك سؤال “حسناً لقد فهمت ما تقصدين ولكن، ماهي يا ترى العقبات التي من الممكن أن تواجهني ككاتب مبتدئ وماذا أستطيع أن أفعل حيالها؟” وهنا إسمح لي يا صديقي بأن أخبرك ببعض من العقبات التي صادفتني وكيف تعاملت معها لعلك تجد في ذلك سبيلاً لمساعدتك ولو قليلاً في حل عقباتك الخاصة.
“- مالذي أبقاك حيًّا؟
– الكتابة”
تشارلز بوكوفسكي.
العقبات المتوقعة وماذا تفعل حيالها:
كانت أول عقبة حقيقية واجهتها هي “أنا لا أعرف كيف اكتب فعلاً!”. حينها بحثت كما شرحت في بداية المقال وبدأت تدريجياً بتعلم النواحي اللازم تطويرها لكي أستطيع كتابة شيء جدير بالقراءة ولكن لدي خبر سار وهو أنه إن لم تكن هذه الطريقة تناسبك أو إن كنت تجدها شاقة ومتطلبة ولا قبل لك بها فإني أريد أن أخبرك بأن هناك برامج دراسية تتراوح في طولها كما عمقها متخصصة بالكتابة الإبداعية بشكل عام وبكتابة الرواية بشكل خاص وهو ما جعلني أنخرط وأشترك شخصياً في عدة برامج عن بعد عن تعليم الرواية ونواحيها المختلفة.
بالرغم من ذلك، أثناء استعانتي بهذه البرامج وحرصي عل التعلم، واجهت الصعوبة التالية وهي “كيف أخصص وقتاً كافياً للتعلم وللكتابة بادئ ذي بدء؟” هنا أدركت من بحثي بأن البعض ينصح بالكتابة يوميا ولو بمقدار عدة دقائق أو 500 كلمة مثلاً بينما البعض يرى أن تخصيص عدة ساعات من نهاية الاسبوع مثلاً طريقة ناجعة في تطوير كتابتك ومهاراتك فيها.
يمكنك الاطلاع على مقالي “أريد أن أكتب ولكن، كيف بحق الله أجد وقتاً للكتابة؟!” للمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع لكن عودةً لتجربتي الشخصية، ما استنتجته من محاولاتي الخاصة لكلا الطريقتين كان أن ما يناسبني في فترة معينة من حياتي قد لا يفيدني بنفس القدر في مرحلة أخرى.
لذلك إجابتي لك باختصار هي أنشئ لنفسك جدول يومي بسيط وغير معقد بحيث يخدمك بشكل واقعي ويساعدك على الكتابة والاستمرار فيها بشكل عملي وحقيقي ولا تخشى من عمل التعديلات اللازمة عليه وفقاً لظروفك ومرحلتك الحالية ليتناسب معها فالهدف في النهاية أن يعمل جدولك لك لا العكس.
مثلاً حدد لنفسك 2500 كلمة أسبوعيا وقسمها إما بشكل يومي أو بشكل مكثف في يومين أو خلافه كما يناسبك ولكن تذكر بأن الهدف الأساسي هو أن تنهي هذه الـ 2500 كلمة بالأسبوع بغض النظر عن جودتها التي ستخصص وقتاً لتحسينها فيما بعد بعد أن تفرغ من مسودتك الأولى وهذا بالطبع يعتمد على أي نوع من الكتاب أنت ولكن ذلك موضوع أخر.
أخيراً، كتابة الرواية هي عملية متطلبة من ناحية الجهد والوقت والعامل النفسي حيث تقضي الساعات وحيداً غير متأكد إن كانت روايتك ستباع نسخها بشكل معقول أو أنها ستظل على رفوف المكتبات تنتظر بيأس أن يتلقفها قارئ ما.
لذا أذكرك بأن كتابة رواية هو شيء ليس بالسهل إلا أنه شيء ليس بالمستحيل متى ما ملكت العزيمة والإصرار على فعل ذلك والأهم من كل هذا الشغف الحقيقي لعمل ما تقوم به إذ عن نفسي، سأظل أكتب حتى لو لم يقرأ لي أحد وحتى لو لم تباع أي نسخة من رواياتي لان التجربة بحد ذاتها بالنسبة لي مجزية روحياً.
لذا أكتب يا صديقي واسأل نفسك دائماً إن راودك التردد يوماً وأمسك بتلابيبك، ما أسوأ شيء ممكن أن يحدث؟
دمتم بود،
حنان أحمد
سجل في القائمة البريدية للموقع ليصلك عروض وتخفيضات على أسعار كتب المؤلفة
اتمنى لك كل التوفيق والنجاح
أمين وشكرًا للطفك.
الله يوفقك ويسعدك ويسهل امرك ومنها للأعلى سعدت بالقراءه واستمتعت بماكتبتي. لك كل الشكر وأمنياتي لك بالتوفيق والنجاح الدائم يارب
.أمين وأسعدتني كلماتك يا مضاوي الجميلة والله يسعدك ووياك يارب